صالحني عن دعواك الكاذبة ، أو صالحني عن دعواك ، فإنّه لا يكون إقراراً ؛ لأنّه ربما يريد قطع الخصومة ، بل الصلح عن الدعوى لا يصحّ مع الإقرار أيضاً ؛ لأنّ مجرّد الدعوى لا يعتاض عنه (١).
ولو قال بعد الإنكار : صالحني عن الدار التي ادّعيتها ، فوجهان للشافعيّة :
أحدهما : إنّه إقرار ؛ لأنّه طلب منه التمليك ، وذلك يتضمّن الاعتراف بالملك ، فصار كما لو قال : ملّكني.
وأصحّهما عندهم : إنّه ليس بإقرارٍ ؛ لأنّ الصلح في الوضع هو الرجوع إلى الموافقة وقطع الخصومة ، فيجوز أن يكون المراد قطع الخصومة في المدّعى لا غير ، فعلى هذا يكون الصلح بعد هذا الالتماس صلحاً على الإنكار (٢).
وإن قال : بعنيها ، أو هَبْها منّي ، فالمشهور : إنّه إقرار ؛ لأنّه صريح في التماس التمليك.
وقال بعض الشافعيّة : إنّه كقوله : صالحني (٣).
والوجه : الفرق.
وفي معناه إذا كان التنازع في جاريةٍ وقال : زوّجنيها.
ولو قال : أجرني أو أعِرْني ، فأولى أن لا يكون إقراراً.
ولو كان التنازع في دَيْنٍ وقال : أبرئني ، فهو إقرار.
ولو أبرأ المدّعي المدّعى عليه وهو منكر وقلنا : لا يفتقر الإبراء إلى
__________________
(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٧٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٤١ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٤٥ ، البيان ٦ : ٢٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣٣.
(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣٣.