« لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ بطيب نفسٍ منه » (١) ولأنّ العقل قاضٍ بقبح تصرّف الغير في مال الغير بغير إذنه.
وقال مالك وأحمد : إنّ للجار أن يضع الجذوع على جدار جاره ، فإن امتنع المالك أُجبر على ذلك ، وهو قول الشافعي في القديم (٢) ؛ لما رواه أبو هريرة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « لا يمنع أحدكم جارَه أن يضع خُشبه على جداره » قال : فنكّس القوم رءوسهم ، فقال أبو هريرة : مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمينّها ـ أي لأضعنّ هذه السنّة ـ بين أظهركم (٣).
ولو سُلّم الحديث لحُمل على الاستحباب ؛ لما تقدّم من الحديث الأوّل.
إذا عرفت هذا ، فقد شرط الشافعي في قوله القديم أُموراً ثلاثة :
أ : أن لا يحتاج مالك الجدار إلى وضع الجذوع عليه.
ب : أن لا يزيد الجار في ارتفاع الجدار ، ولا يبني عليه أزجاً ، ولا يضع عليه ما لا يحتمله الجدار ، ويضرّ به.
ج : أن لا يملك شيئاً من جدران البقعة التي يريد تسقيفها ، أو
__________________
(١) سنن الدارقطني ٣ : ٢٦ / ٩١ ، مسند أحمد ٦ : ٦٩ / ٢٠١٧٢ بتفاوت يسير.
(٢) المنتقى ـ للباجي ـ ٦ : ٤٣ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٩٧ ـ ٥٩٨ / ١٠٠٥ ، عيون المجالس ٤ : ١٦٥٤ / ١١٦٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٩١ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٤٢ ، الوسيط ٤ : ٥٦ ، حلية العلماء ٥ : ١٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٥١ ، البيان ٦ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٠٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٤٦ ، المغني ٥ : ٣٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٣ (٧).
(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٧٣ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٣٠ / ١٦٠٩ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٣ / ٢٣٣٥ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٣١٤ ـ ٣١٥ / ٣٦٣٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٦٣٥ / ١٣٥٣ ، سنن البيهقي ٦ : ٦٨ ، الموطّأ ٢ : ٧٤٥ / ٣٢ ، مسند أحمد ٣ : ١٠٧ / ٨٩٠٠.