وان أنكر فالأقرب : عدم الضمان ؛ لأنّه لم يمسكها لنفسه ، بخلاف ما لو أنكر بعد الطلب ، وقد يعرض له في الإخفاء والإنكار غرض صحيح.
ويحتمل الضمان ، كما لو أنكر بعد الطلب.
وكلاهما للشافعيّة (١).
ولو قال بعد الجحود : كنتُ غلطتُ أو نسيتُ الوديعة ، فإن صدّقه المالك لم يضمن ، وإلاّ فالأقرب : الضمان.
مسألة ٥٤ : لو قال المستودع ابتداءً من غير سؤال المالك : لا وديعة عندي ، أو قال ذلك في جواب سؤال غير المالك ، لم يضمن بمجرّد الجحود والإنكار ؛ لأنّه لغير المالك ، والوديعة يُسعى في إخفائها ، فإنّه أقرب للحفظ ، سواء كان المالك حاضراً أو غائباً ، ولا نعلم فيه خلافاً.
مسألة ٥٥ : لو ادّعي عليه وديعةٌ فأنكر قُدّم قوله مع اليمين ، فإن أقرّ بعد ذلك بها أو قامت عليه بيّنة بها طُولب بها.
فإن ادّعى ردَّها أو تلفها قبل الجحود ، فإن كانت صورة جحوده إنكار أصل الإيداع لم يُصدَّق في دعوى الردّ ؛ لاشتمال كلاميه على التناقض ، وثبوت خيانته ، وأمّا في دعوى التلف فيُصدَّق أيضاً باليمين ، لكنّه يكون ضامناً ، كالغاصب.
والأقوى : إنّ له تحليف المالك على عدم دعواه ؛ لإمكان أن يكون قد نسي الوديعة فجحدها ثمّ ذكر فادّعى التلف لوقوعه ، أو كذب في جحوده ، ولأنّه لو صدّقه المالك في التالف بغير تفريطٍ أو في دعوى الردّ سقط حقّه ، وكان متمكّناً من إحلافه ومن إقامة البيّنة على دعوى الردّ أو التلف ، وهذا كما لو ادّعى حقّاً وقال : لا بيّنة لي ، ثمّ جاء بالبيّنة فإنّها تُسمع منه ، كذا هنا.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣١٥ ، روضة الطالبين ٥ : ٣٠٤.