الفصل الثاني : في الأحكام
ومباحثه ثلاثة :
الأوّل : في التسلّط والرجوع.
مسألة ٩٥ : العارية عقد جائز من الطرفين بالإجماع لكلٍّ منهما فسخه ، فللمالك الرجوعُ فيه متى شاء ، وكذا للمُستعير الردُّ متى أراد ؛ لأنّ العارية تبرّع وتفضّل بالمنفعة ، فلا يناسب الإلزام فيما يتعلّق بالمستقبل.
وليس للمالك المطالبةُ بعوضٍ عن المنفعة التي استوفاها المُستعير قبل علم الرجوع.
ولو رجع قبل أن يعلم المُستعير ، فالأقرب : إنّه كذلك لا عوض له.
ولو رجع وعلم المُستعير برجوعه ثمّ استعمل ، فهو غاصب عليه الأُجرة ، إلاّ إذا أعار لدفن ميّتٍ مسلمٍ ثمّ رجع بعد الدفن ، لم يصح رجوعه ، ولا قلع الميّت ولا نبش القبر ، إلاّ أن يندرس أثر الميّت ؛ لما فيه من هتك حرمة الميّت ، ولا نعلم فيه خلافاً.
أمّا لو رجع قبل الحفر أو بعده قبل وضع الميّت ، فإنّه يصحّ رجوعه ، ويحرم دفنه فيه.
ولو رجع بعد وضع الميّت في القبر وقبل أن يواريه في التراب ، فالأقرب : إنّ له الرجوعَ أيضاً ، ومئونة الحفر إذا رجع بعد الحفر وقبل الدفن لازمة لوليّ الميّت ، ولا يلزم وليّ الميّت الطمّ ؛ لأنّ الحفر مأذون فيه.
مسألة ٩٦ : لو نبتت في القبر شجرة ، كان لمالك الأرض سقيها ، إلاّ أن يفضي السقي إلى ظهور شيءٍ من الميّت فيحرم ؛ لأنّه نبشٌ في الحقيقة.
واعلم أنّ الدفن من جملة منافع الأرض ، كالبناء والغراس ، فإذا أطلق