من حقّه بغير إذن شريكه لم يبرأ الغريم ممّا زاد على حقّه (١).
والمشهور ما قلناه أوّلاً.
ولا تصحّ قسمة ما في الذمم ؛ لأنّ الذمم لا تتكافأ ولا تتعادل ، والقسمة تقتضي التعديل ، والقسمة من غير تعديلٍ بيعٌ ، ولا يجوز بيع الدَّيْن بالدَّيْن ، فلو تقاسما ثمّ تَوى (٢) بعض المال ، رجع مَنْ تَوى ماله على مَنْ لم يَتْو ، وبه قال ابن سيرين والنخعي وأحمد في إحدى الروايتين ، وفي الأُخرى : يجوز ذلك ؛ لأنّ الاختلاف لا يمنع القسمة ، كما لو اختلفت الأعيان ، وبه قال الحسن وإسحاق (٣).
وهذا إذا كان في ذممٍ متعدّدة ، فأمّا في ذمّةٍ واحدة فلا يمكن القسمة ؛ لأنّ معنى القسمة إفراز الحقّ ، ولا يتصوّر ذلك في ذمّةٍ واحدة.
مسألة ١٨٨ : قد بيّنّا أنّه إذا تساوى المالان تساوى الشريكان في الربح ، وإن تفاوت المالان تفاوتا في الربح على النسبة ، فإن شرطا خلاف ذلك جاز عندنا ، وصحّت الشركة ، وبه قال أبو حنيفة (٤) ، خلافاً للشافعي (٥).
فلو كان لأحدهما ألف وللآخَر ألفان فأذن صاحب الألفين لصاحب الألف أن يتصرّف فيهما على أن يكون الربح بينهما نصفين فإن كان صاحب الألفين شرط على نفسه العمل فيهما أيضاً ، صحّ عندنا.
وقال الشافعي : تفسد الشركة ، ويكون الربح على قدر المالين ،
__________________
(١) المغني ٥ : ١٩٨ ـ ١٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٢) راجع الهامش (١) من ص ٣٩.
(٣) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٦٨ / ٥٠ ، المغني ٥ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٢٤.
(٤) راجع الهامش (٢) من ص ٣٥٣.
(٥) راجع الهامش (٢) من ص ٣٥٢.