قال هذا القائل : لو قيل : لا ضمان في السوم أيضاً تخريجاً ممّا نحن فيه ، لم يبعد (١).
ولو استعار صندوقاً فوجد فيه شيئاً ، فهو أمانة عنده ، كما لو طيّر الريح الثوبَ في داره ، فلا ضمان فيه وإن كانت العارية مضمونةً ، إلاّ مع التفريط أو التعدّي.
مسألة ١٢٥ : قد بيّنّا أنّه لا يجوز للمُحْرم أن يستعير الصيد ، فإن استعاره من المُحلّ لم يجز ، فإن قبضه ضمنه لله تعالى بالجزاء ، ولصاحبه ضمان العارية.
فإن استعار مُحلٌّ من مُحْرمٍ صيداً كان يملكه قبل أن يُحرم ، كان ذلك مبنيّاً على القولين في زوال ملكه عنه بالإحرام.
فإن قلنا : لمّا أحرم زال ملكه عنه بالإحرام ، فقد وجب عليه إرساله ، فإذا دفعه إلى المُحلّ لم يجز له ، إلاّ أنّ المُحلّ لا يضمنه له ؛ لأنّه ليس يملكه ، ولا يضمنه لله تعالى ؛ لأنّه مأذون له في إتلاف الصيد ، إلاّ أنّه إذا تلف ضمنه المُحْرم ؛ لأنّه تلف بسببٍ من جهته ، وهو تسليمه إلى المُحلّ.
وإن قلنا ببقاء ملك المُحْرم فيه ، جاز له إعارته ، ويكون مضموناً على المُحلّ ضمانَ العارية لصاحبه.
ولو كان المُحْرم في الحرم والصيد فيه ، لم يجز له إعارته ، ولا للمُحلّ استعارته.
مسألة ١٢٦ : إذا ردّ المُستعير العاريةَ إلى مالكها أو إلى وكيله ، برئ من ضمانها.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.