وإن كان معلومَ القدر والصفة ـ كالدراهم والدنانير إذا ضُبطت في الحكومة ـ جاز الصلح عنها ، وجاز بيعها ممّن عليه.
وإن كان معلومَ القدر دون الصفة على الحدّ المعتبر في السَّلَم كالإبل الواجبة في الدية ، ففي جواز الاعتياض عنها بلفظ الصلح وبلفظ البيع جميعاً للشافعيّة قولان :
أحدهما : الصحّة ، كما لو اشترى عيناً ولا يعرف صفاتها.
وأظهرهما عندهم : المنع ، كما لو أسلم في شيءٍ غير موصوفٍ (١).
هذا حكم الجراح الذي لا يوجب القود ، وإن أوجبه إمّا في النفس أو فيما دونها ، فالصلح عنها مبنيّ عندهم على الخلاف في أنّ مُوجَبَ العمد القصاصُ أو أحدُ الأمرين؟ وسيأتي إن شاء الله تعالى (٢).
مسألة ١٠٢٥ : لا يشترط عندنا سبق الخصومة في الصلح ؛ لأصالة الصحّة ، فلو كان لواحدٍ ملكٌ فقال له غيره : بِعْني ملكك بكذا ، فباعه ، صحّ البيع إجماعاً.
ولو قال له : صالحني عنه بألف ، ففَعَل ، صحّ عندنا ؛ لأنّ الصلح عقد مستقلّ بنفسه.
وهو أحد وجهي الشافعيّة ؛ لأنّ مثل هذا الصلح معاوضة ، ولا فرق بين أن يعقده بلفظ الصلح أو بلفظ البيع.
وأظهرهما عندهم : المنع ؛ لأنّ لفظ الصلح إنّما يُستعمل ويُطلق إذا سبقت الخصومة (٣).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢٩ ـ ٤٣٠.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣٠.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢٩.