وكذا لو فرش لضيفه فراشاً أو بساطاً أو مصلّىً أو حصيراً أو ألقى إليه وسادة فجلس عليها أو مخدّةً فاتّكأ عليها ، كان ذلك إعارةً ، بخلاف ما لو دخل فجلس على الفرش المبسوطة ؛ لأنّه لم يقصد بها انتفاع شخصٍ بعينه ـ وهو قول بعض الشافعيّة (١) ـ قضاءً بالظاهر ، وقد قال عليهالسلام : « نحن نقضي بالظاهر » (٢).
وقال بعضهم : يعتبر اللفظ من جهة المُعير ، ولا يعتبر من جهة المُستعير ، وإنّما يعتبر منه القبول إمّا باللفظ أو بالفعل (٣).
وقال بعضهم : لا بدّ من اللفظ من أحد الطرفين ، ولا يشترط أحدهما عيناً ، بل إمّا لفظ المُعير أو المُستعير ، وفعل الآخَر ، فلو قال المالك :
أعرتُك ، أو : انتفع به ، إلى غير ذلك من الألفاظ ، فأخذه المُستعير ، تمّت العارية. ولو قال المُستعير : أعرني ، فسلّمه المالك إليه ، صحّت العارية ، وكان كما لو قال : خُذْه لتنتفع به ، وأخذه ؛ تشبيهاً للإعارة بإباحة الطعام (٤).
والأقرب : ما تقدّم.
وقد جرت العادة بالانتفاع بظرف الهديّة المبعوثة إليه واستعماله ، كأكل الطعام من القصعة المبعوث فيها ، فإنّه يكون عاريةً ؛ لأنّه منتفع بملك الغير بإذنه وإن لم يوجد لفظٌ يدلّ عليها ، بل شاهد الحال.
مسألة ٩٣ : لو قال : أعرتُك حماري لتعيرني فرسك ، فهي إجارة فاسدة ، وعلى كلّ واحدٍ منهما أُجرة مثل دابّة الآخَر ، وكذا لو أعاره شيئاً
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٥.
(٢) المحصول ٢ : ٤٤٧ ، الإحكام في أُصول الأحكام ٢ : ٣٠٦.
(٣) الوسيط ٣ : ٣٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٥.
(٤) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٧٠ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٨٠ ، البيان ٦ : ٤٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٥.