إذا كان بعوضٍ سُمّي بيعاً ، وإن خلا عن العوض سُمّي هبةً.
ولو ادّعى على رجلٍ بيتاً ، فصالحه على بعضه أو على بناء غرفةٍ فوقَه أو على أن يُسكنه سنةً ، صحّ عندنا ـ خلافاً للحنابلة (١) ـ للأصل.
احتجّوا بأنّه يصالحه عن ملكه ببعضه أو منفعته (٢).
ونمنع عدم جوازه.
ولو صالحه بخدمة عبده سنةً ، صحّ عندنا وعندهم (٣).
فإن باع العبد في السنة ، صحّ البيع ، ويكون للمشتري مسلوبَ المنفعة بقيّة السنة ، وللمُصالح منفعته إلى انقضاء السنة.
ولو لم يعلم المشتري بذلك ، كان له الفسخ ؛ لأنّه عيبٌ.
وإن أعتق العبدَ في أثناء المدّة ، صحّ العتق ؛ لأنّه مملوكه يصحّ بيعه فيصحّ عتقه ، وللمُصالح استيفاء منفعته في المدّة ؛ لأنّه أعتقه بعد أن مَلَك منفعته ، فأشبه ما لو أعتق الأمة المزوّجة بحُرٍّ.
ولا يرجع العبد على سيّده بشيءٍ ؛ لأنّه ما زال ملكه بالعتق إلاّ عن الرقبة ، فالمنافع حينئذٍ مملوكة لغيره فلم تتلف منافعه بالعتق فلا يرجع بشيءٍ.
ولو أعتق مسلوبَ المنفعة ـ كمقطوع اليدين ، أو الأمة المزوّجة ـ لم يرجع عليه بشيءٍ.
وقال الشافعي : يرجع على سيّده بأُجرة مثله ؛ لأنّ العتق اقتضى إزالة ملكه عن الرقبة والمنفعة جميعاً ، فلمّا لم تحصل المنفعة للعبد هنا فكأنّه حالَ بينه وبين منفعته (٤).
ونمنع اقتضاء العتق زوالَ الملك عن المنفعة ؛ لأنّ اقتضاءه إنّما يكون
__________________
(١) المغني ٥ : ١٩ ـ ٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦.
(٢) المغني ٥ : ٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦.
(٣ و ٤) المغني ٥ : ٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٨.