وعند أحمد يصحّ الصلح في الرطب وإن زاد أو نقص ؛ لأنّ الجهالة في المُصالَح عنه لا تمنع الصحّة إذا لم يكن إلى العلم به سبيل ؛ لدعاء الحاجة إليه ، وكونه لا يحتاج إلى تسليمه (١).
ولو صالحه على إقرارها بجزءٍ معلوم من ثمرها أو كلّه ، لم يجز ، وبه قال الشافعي وأكثر العامّة (٢) ـ وعن أحمد روايتان (٣) ـ لأنّ العوض مجهول ، والثمرة مجهولة ، وجزؤها مجهول ، ومن شرط الصلح العلمُ بالعوض ، والمصالَح عليه أيضاً مجهول ؛ لتغيّره بالزيادة والنقصان ، كما تقدّم.
واحتجّ أحمد : بأنّه قد تدعو الحاجة إليه (٤).
وقد عرفت بطلان التعليل بالحاجة.
نعم ، لو أباح كلٌّ منهما لصاحبه حقَّه ، جاز من غير لزومٍ ، بل لكلٍّ منهما الرجوعُ ، فيستبيح صاحب الشجرة إباحة الوضع على الجدار أو الهواء ، ويستبيح صاحب الدار ثمرة الشجرة ، كما لو قال كلٌّ منهما لصاحبه : أُسكن داري وأسكن دارك ، من غير تقدير مدّةٍ ولا ذكر شروط الإجارة.
وكذا حكم العروق إذا سرت إلى أرض الجار ، سواء أثّرت ضرراً ، كما في المصانع وطيّ الآبار وأساسات الحيطان ، أو [ منعت ] (٥) من نبات شجرٍ لصاحب الأرض أو الزرع ، أو لم تؤثّر ضرراً ، فإنّ الحكم في قطعه والصلح عليه كالحكم في الزرع ، إلاّ أنّ العروق لا ثمر لها.
وكذا لو زلق من أخشابه إلى ملك غيره ، فالحكم كما سبق.
مسألة ١١١٢ : قد بيّنّا أنّه يصحّ أن يصالحه عن المؤجَّل ببعضه حالًّا
__________________
(١ و ٣) المغني ٥ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥.
(٢) المغني ٥ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥ ـ ٢٦.
(٤) المغني ٥ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٦.
(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « منع ». والظاهر ما أثبتناه.