فإن أصرّ على الامتناع ، أنفق الحاكم عليه ليرجع على الممتنع إذا وُجد له مالٌ ، فإن استقلّ وبذل أن يبنيه ويرجع عليه ، ففي الرجوع عليه قولان للشافعي ، ولأصحابه طُرق :
أصحّها عند أكثرهم : القطع بعدم الرجوع ، وحمل قول الرجوع على ما إذا أنفق بالإذن.
والثاني : إنّ القول بعدم الرجوع تفريع على الجديد ، والقول بالرجوع تفريع على القديم.
والثالث : إن قلنا بالقديم رجع قطعاً ، وإن قلنا بالجديد فقولان.
والرابع : إن أمكنه عند البناء مراجعة الحاكم فلا يرجع [ وإن لم يمكنه ] (١) فيرجع ، أمّا إن أذن له الحاكم في البناء ليرجع أو بذل عن الشريك إقراضه ، فإنّ له الرجوعَ إن قلنا به (٢).
مسألة ١٠٧٥ : لو كان بين الشريكين نهر مشترك أو قناة أو دولاب أو ناعورة أو بئر فاحتاج شيء من ذلك في الانتفاع به إلى العمارة ، لم يُجبر أحد الشريكين الآخَر على العمارة كما قلنا في الجدار ، وهو الجديد للشافعي ، كما تقدّم.
وفي القديم : إنّه يُجبر ، وبه قال أبو حنيفة (٣) ، وفرّق بين هذه وبين الجدار ، فأوجب على الشريك في هذه العمارةَ والإصلاحَ وتنقيةَ البئر ،
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أو لا يمكنه ». والأنسب بالعبارة ما أثبتناه.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥١.
(٣) حلية العلماء ٥ : ١٩ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٥٧ ، البيان ٦ : ٢٤٥ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٨ ـ ٣١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٠٩ ، المغني ٥ : ٥٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩.