أحدها : إنّه يوقف المدّعى بينهما إلى أن يصطلحا ؛ لأنّ الإقرار للأوّل قد تقدّم ، وقد حصل هنا ما هو أقوى من الإقرار ، فاستويا.
والثاني : إنّه يُقسم بينهما ، كما لو أقرّ لهما.
والثالث ـ وهو المذهب المشهور عندهم ـ : إنّه يغرم للثاني ، كما لو اعترف له بعد الإقرار الأوّل (١) (٢).
وقال بعض الشافعيّة بعبارةٍ أُخرى : إذا أقرّ لأحدهما ، فهل للآخَر دعوى القيمة؟ يبنى على الخلاف في الغُرْم لو أقرّ للثاني ، إن قلنا : يغرم ، فنعم ، وإن قلنا : لا ، فيبنى على أنّ اليمين بعد النكول كالإقرار أو كالبيّنة؟ إن قلنا : كالإقرار ، لم يدّع القيمة ، وإن قلنا : كالبيّنة ، فله دعواها ، فإن حلف برئ ، وإن نكل حلف المدّعي وأخذها ، ولا تنزع العين من الأوّل ؛ لأنّها وإن كانت كالبيّنة فليست كالبيّنة في حقّ غير المتداعيين (٣).
وإن قال : هو لكما ، دُفع إليهما معاً ، ويكون بمنزلة مالٍ في يد شخصين يتداعيانه ، فإن حلف أحدهما قضي له بها ، ولا خصومة للآخَر مع المستودع ؛ لنكوله ، وإن نكلا جُعل بينهما ، وكذا لو حلفا ، ويكون حكم كلّ واحدٍ منهما في النصف كالحكم في الكلّ في حقّ غير المُقرّ له ، وقد تقدّم.
مسألة ٦٩ : لو قال : المال لأحدكما وقد نسيتُ عينه ، فإن قلنا : إنّ المستودع يضمن بالنسيان ، فهو ضامن.
وإن لم نضمّنه بالنسيان نُظر ، فإن صدّقاه في النسيان فلا خصومة لهما معه ، بل الخصومة بينهما ، فإن اصطلحا على شيءٍ فذاك ، وإلاّ جُعل المال كأنّه في أيديهما يتداعيانه ؛ لأنّ صاحب اليد يقول : إنّ اليد لأحدهما ، وليس
__________________
(١) الظاهر : « للأوّل ».
(٢) البيان ٦ : ٤٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٢١ ، روضة الطالبين ٥ : ٣١٠.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٢١.