وإن حصل بغير ذلك السبب إمّا بحريقٍ أو بسرقة غير الداخلين أو نهب غير الحارسين وأشباه ذلك ، ففي الضمان إشكال ينشأ : من حصول التفريط بالمخالفة ، ولولاه لم يضمن لو تلف بذلك السبب ، ومن حصول التلف بغير سبب المخالفة. والأوّل أقوى.
وعند الشافعيّة أنّه لا يضمن على التقدير الثاني (١).
ولو قال : لا تُخبر بوديعتي أحداً ، فخالف وأخبر غيره فسرقها المُخْبَر أو مَنْ أخبره ، ضمن ؛ لإفضاء الإخبار إلى السرقة.
وإن تلفت بسببٍ آخَر ، قال بعض الشافعيّة : لا يضمن (٢).
وفيه إشكال أقربه : الضمان ؛ لحصول التفريط بالإخبار ، وإلاّ لم يضمن لو سرقه المُخْبَر.
قال بعض الشافعيّة : لو أنّ رجلاً من عرض الناس سأل المستودعَ : هل لفلان عندك وديعة؟ فأخبره بها ، ضمن ؛ لأنّ كتمانها من حفظها ، فإذا أخبره فقد ترك الحفظ (٣).
مسألة ٤٨ : لو أودعه خاتماً وأمره بجَعْله في خِنْصِره ، فجَعَله في البِنْصِر ، لم يضمن ؛ لأنّه زاده حفظاً وحراسةً ، فإنّ البِنْصر أغلظ من الخِنْصِر ، والحفظ فيه أكثر.
ولو انكسر لغلظها ، ضمن.
وكذا يضمن لو ضاق عنها فوضعه في أنملته العليا من البِنْصِر ؛ لأنّه في أصل الخِنْصِر أحرز.
ولو قال : اجعله في البِنْصِر ، فجَعَله في الخِنْصِر ، فإن كان ضيّقاً لا ينتهي إلى أصل البِنْصِر لم يضمن ؛ لأنّ الذي فَعَله أحرز ، وإن كان ينتهي
__________________
(١) البيان ٦ : ٤٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣١١ ـ ٣١٢ ، روضة الطالبين ٥ : ٣٠٢.
(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣١٢ ، روضة الطالبين ٥ : ٣٠٣.