وقال أبو حنيفة : يقع المشترى مشتركاً بمجرّد الشركة وإن لم يوجد قصدٌ من المشتري ولا إذنٌ من صاحبه (١). وقد سلف (٢) بطلانه.
مسألة ١٦٠ : قد بيّنّا توقّف تحقّق الشركة على مزج المالين ، فلو لم يحصل لم تتحقّق الشركة ، فلا تصحّ في المال الغائب ؛ لانتفاء المزج فيه ، لتوقّفه على الحضور عند المالكين أو وكيلهما.
ولا تصحّ الشركة في الدَّيْن أيضاً ؛ لعدم تحقّق هذا المعنى فيه.
ولا يكفي في المزج الاختلاطُ مع إمكان التخليص ، كحبّاتٍ من الحنطة مع حبّات الشعير ، والدخن مع السمسم وإن شقّ التمييز بينهما ، وكما لو مزج الصحيح من الدراهم بالقراضة أو السمسم ببذر الكتّان ، أو اختلفت السكّة في بعض النقدين. وبالجملة ، متى حصل المائز بين المالين انتفت الشركة.
ولو اشتركا بالأبدان ، لم تصح على ما تقدّم (٣) ، فإن تميّز عمل كلٍّ منهما من عمل صاحبه اختصّ كلّ واحدٍ منهما بأُجرة عمله.
وإن اشتبه ، احتُمل تساويهما ؛ لأصالته ، والصلحُ ؛ إذ لكلّ واحدٍ منهما في المال حقٌّ لا يعلم قدره ، ولا مخلص إلاّ عقد الصلح.
مسألة ١٦١ : قد بيّنّا أنّ الشركة لا تصحّ إلاّ بالمال الممتزج من الشريكين ، ولا تصحّ بالأعمال.
إذا تقرّر هذا ، فلو دفع واحد إلى رجلٍ دابّةً ليعمل عليها فما رزق الله تعالى كان بينهما بالسويّة أو أثلاثاً أو على ما يتّفقان عليه ، لم يصح عند
__________________
١٢٨ ـ ١٢٩ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٩٩ ، البيان ٦ : ٣٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٣.
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٣.
(٢) في ص ٣٣٢ ، ضمن المسألة ١٥٠.
(٣) في ص ٣١٢ ، المسألة ١٤٢.