جعلها الله طيبة مباركة زكية ، وجعل نباتها وثمرها حلوا عذبا ، وجعل ماءها زلالا ، وكل بقعة جحدت إمامتي وأنكرت ولايتي جعلها سبخة ، وجعل نباتها مرا علقما ، وجعل ثمرها العوسج والحنظل ، وجعل ماءها ملحا أجاجا».
ثم قال : (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) يعني أمتك يا محمد ، ولاية أمير المؤمنين وإمامته بما فيها من الثواب والعقاب (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً) لنفسه (جَهُولاً) لأمر ربه ، من لم يؤدّها بحقها فهو ظلوم وغشوم.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق وولد حرام» (١).
وعن صاحب كتاب (الدرّ الثمين) يقول : قوله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها) ، الأمانة : وهي إنكار ولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام عرضت على ما ذكرنا ، فأبين أن يحملنها (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) وهو الأول. لأي الأشياء! (لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ) فقد خابوا والله ، وفاز المؤمنون والمؤمنات (٢).
وقال شرف الدين النجفيّ : في تأويل (إِنَّا عَرَضْنَا) : أي عارضنا وقابلنا ، والأمانة هنا : الولاية. قال : وقوله : (عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) فيه قولان : الأول : إن العرض على أهل السماوات والأرض من الملائكة ، والجن ، والإنس ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. والثاني : قول ابن عباس : وهو أنه عرضت على نفس السماوات والأرض والجبال ، فامتنعت من حملها ، وأشفقن منها ، لأن نفس الأمانة قد حفظتها الملائكة والأنبياء والمؤمنون ، وقاموا بها (٣).
__________________
(١) المناقب : ج ٢ ، ص ٣١٤.
(٢) البرهان : ج ٨ ، ص ٩٤.
(٣) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٤٦٩.