لهما : إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما ، فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عزوجل إلى أرضه ، فاسألا ربكما بحقّ هذه الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش ، حتى يتوب عليكما. فقالا : اللهم ، إنا نسألك بحقّ الأكرمين عليك : محمد ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، والأئمة عليهمالسلام إلا تبت علينا ، ورحمتنا. فتاب الله عليهما ، إنه هو التواب الرحيم.
فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة ، ويخبرون بها أوصياءهم ، والمخلصين من أممهم فيأبون حملها ، ويشفقون من ادعائها ، وحملها الإنسان الذي قد عرف ، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة ، وذلك قول الله عزوجل : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(١).
وقال ابن شهر آشوب : عن أبي بكر الشيرازيّ في (نزول القرآن في شأن علي عليهالسلام ، بالإسناد عن مقاتل ، عن محمد بن الحنفيّة ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
قال : «عرض الله أمانتي على السماوات السبع بالثواب والعقاب ، فقلن : ربنا ، لا نحملها بالثواب والعقاب ، لكن نحملها بلا ثواب ولا عقاب. وإن الله عرض أمانتي وولايتي على الطيور ، فأول من آمن بها : البزاة والقنابر ، وأول من جحدها من الطيور : البوم والعنقاء ، فلعنهما الله تعالى من بين الطيور ، فأمّا البوم فلا تقدر أن تظهر بالنهار لبغض الطيور لها ، وأما العنقاء ، فغابت في البحار لا ترى.
وإن الله عرض أمانتي على الأرض ، فكل بقعة آمنت بولايتي وأمانتي
__________________
(١) معاني الأخبار : ص ١٠٨ ، ح ١.