وخرب بلادهم ، وقلع أشجارهم ، وهو قوله : (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) إلى قوله تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) يعني العظيم الشديد (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) وهو أم غيلان (وَأَثْلٍ) قال : هو نوع من الطرفاء (وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) إلى قوله تعالى : (بارَكْنا فِيها) قال : مكّة (١).
وقال سدير ، سأل رجل أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ).
فقال : «هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض ، وأنهار جارية ، وأموال ظاهرة ، فكفروا بأنعم الله ، وغيروا ما بأنفسهم ، فأرسل الله عزوجل عليهم سيل العرم ، فغرّق قراهم ، وخرب ديارهم ، وأذهب أموالهم ، وأبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي أكل خمط (٢) ، وأثل ، وشيء من سدر قليل ، ثم قال الله عزوجل : (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ)(٣).
وقال الطبرسي في (الاحتجاج) : قال أبو حمزة الثمالي : دخل قاض من قضاة أهل الكوفة على علي بن الحسين عليهماالسلام ، فقال له : جعلني الله فداك ، أخبرني عن قول الله عزوجل : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ). قال له : «ما تقول الناس فيها قبلكم بالعراق؟». فقال : يقولون إنها مكة. فقال : «وهل رأيت السرق في موضع أكثر منه بمكة؟».
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٠٠.
(٢) الخمط : كل نبت قد أخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن أكله. «لسان العرب ـ خمط ـ ج ٧ ، ص ٢٩٦».
(٣) الكافي : ج ٨ ، ص ٣٩٥ ، ح ٥٩٦.