قال : فما هو؟ قال : «إنما عنى الرجال». قال : وأين ذلك في كتاب الله؟ فقال : «أو ما تسمع إلى قوله عزوجل : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ)(١) ، وقال : (وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ)(٢) ، وقال : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها)(٣) ، أفيسأل القرية ، والعير ، أو الرجال؟». قال : وتلا عليه آيات في هذا المعنى.
قال : جعلنا فداك ، فمن هم؟ قال : «نحن هم». وقوله : (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) قال : «آمنين من الزيغ» (٤).
وعنه ، في (الاحتجاج) : عن أبي حمزة الثمالي ، قال : أتى الحسن البصري أبا جعفر عليهالسلام ، قال : يا أبا جعفر ، ألا أسألك عن أشياء من كتاب الله؟ فقال له أبو جعفر عليهالسلام : «ألست فقيه أهل البصرة؟» قال : قد يقال ذلك. فقال له أبو جعفر عليهالسلام : «هل بالبصرة أحد تأخذ عنه؟» قال : لا. قال : «فجميع أهل البصرة يأخذون عنك؟» قال : نعم.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : «سبحان الله! لقد تقلّدت عظيما من الأمر ، بلغني عنك أمر فما أدري أكذلك أنت ، أم يكذب عليك؟». قال : ما هو؟ قال : «زعموا أنك تقول : إن الله خلق العباد وفوّض إليهم أمورهم». قال : فسكت الحسن فقال : «أرأيت من قال الله له في كتابه : إنك آمن ، هل عليه خوف بعد هذا القول؟» فقال الحسن : لا.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : «إني أعرض عليك آية ، وأنهي إليك خطابا ، ولا أحسبك إلا وقد فسرته على غير وجهه ، فإن كنت فعلت ذلك فقد هلكت وأهلكت» فقال له : ما هو؟ فقال : «أرأيت الله حيث يقول : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ
__________________
(١) الطلاق : ٨.
(٢) الكهف : ٥٩.
(٣) يوسف : ٨٢.
(٤) الاحتجاج : ص ٣١٣.