كنت مولاه فعليّ مولاه ، اغتابه رجل ، وقال : إنّ محمدا ليدعو كلّ يوم إلى أمر جديد ، وقد بدأ بأهل بيته يملّكهم رقابنا.
فأنزل الله عزوجل على نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك قرآنا ، فقال له : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) ، فقد أديت إليكم ما افترض ربكم عليكم».
قلت : فما معنى قوله عزوجل : (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى)؟ فقال : «أما مثنى : يعني طاعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وطاعة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأما قوله فرادى : فيعني طاعة الإمام من ذريتهما من بعدهما ، ولا والله ـ يا يعقوب ـ ما عنى غير ذلك» (١).
وقال الطبرسي في (الاحتجاج) : عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، في قوله : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) ، قال : «فإن الله جلّ ذكره أنزل عزائم الشرائع ، وآيات الفرائض في أوقات مختلفة كما خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، ولو شاء الله لخلقها في أقلّ من لمح البصر ، ولكنه جعل الأناة والمداراة مثالا لأمنائه ، وإيجابا لحججه على خلقه ، فكان أول ما قيدهم به : الإقرار له بالوحدانيّة والربوبيّة ، والشهادة بأن لا إله إلا الله ، فلما أقرّوا بذلك تلاه بالإقرار لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنبوّة ، والشهادة له بالرسالة ، فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ، ثم الزكاة ، ثم الصوم ، ثم الحج ، ـ وقيل ثم الجهاد ـ ، ثم الصدقات وما يجري مجراها من مال الفيء.
فقال المنافقون : هل بقي لربّك علينا بعد الذي فرض شيء آخر يفترضه ، فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) يعني الولاية ، وأنزل الله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(٢) ، وليس بين الأمّة خلاف أنه
__________________
(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٤٧٧ ، ح ١٠.
(٢) المائدة : ٥٥.