تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٨٣) [سورة يس : ٧٦ ـ ٨٣]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : ثم خاطب الله نبيه ، فقال : (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) قوله : (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) ، أي ناطق ، عالم ، بليغ. وقوله : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فقال الله : (قُلْ) يا محمد ، (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ).
قال : فلو أن الإنسان تفكر في خلق نفسه لدله ذلك على خالقه ، لأنه يعلم كل إنسان أنه ليس بقديم ، لأنه يرى نفسه وغيره مخلوقا محدثا ، ويعلم أنه لم يخلق نفسه ، لأن كل خالق قبل خلقه ، ولو خلق نفسه لدفع عنها الآفات ، والأوجاع ، والأمراض ، والموت ، فثبت عند ذلك أن لها إلها ، خالقا ، مدبرا هو الله الواحد القهار (١).
وروي أن نفرا من قريش اعترضوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، منهم ، عتبة بن ربيعة ، وأبي بن خلف ، والوليد بن المغيرة ، والعاص بن سعيد ، فمشى إليه أبي بن خلف بعظم رميم ، ففتّه في يده ، ثم نفخه ، وقال : أتزعم أن ربك يحيي هذا بعد ما ترى؟! فأنزل الله تعالى : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) إلى آخر السورة (٢).
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢١٧.
(٢) الأمالي : ج ١ ، ص ١٨.