من المسجد الحرام إلى البيت المقدس.
فقال : «ليس كما يقولون ، ولكنه أسرى به من هذه إلى هذه» ـ وأشار بيده إلى السماء ـ وقال : «ما بينهما حرم» قال : «فلما انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا جبرئيل في هذا الموضع تخذلني؟ فقال : تقدم أمامك ، فو الله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه أحد من خلق الله قبلك ، قال : فرأيت من نور ربي وحال بيني وبينه السّبحة» (١).
قال : قلت : وما السبحة ، جعلت فداك؟ فأومأ بوجهه إلى الأرض ، وأومأ بيده إلى السّماء ، وهو يقول : «جلال ربي جلال ربي» ثلاث مرات.
[قال] : «قال : يا محمد ، قلت : لبيك يا رب ، قال : فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قلت : سبحانك لا علم لي إلا ما علمتني ، قال : فوضع يده ـ أي يد القدرة ـ بين ثدييّ ، فوجدت بردها بين كتفي ، [قال :] فلم يسألني عما مضى ، ولا عمّا بقي إلّا أعلمته ، قال : يا محمد فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قال : قلت : يا ربّ ، في الدرجات ، والكفّارات ، والحسنات ، فقال : يا محمد ، قد انفضت نبوتك ، وانقطع أجلك ، فمن وصيّك؟ [فقلت : يا رب ، قد بلوت خلقك ، فلم أر من خلقك أحدا أطوع لي من علي. فقال : ولي يا محمد]. وقلت : يا رب ، إني قد بلوت خلقك ، فلم أر في خلقك أحدا أشد حبا لي من علي ، قال : ولي يا محمد ، فبشره بأنه راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونور لمن أطاعني ، والكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أحبه أحبني ، ومن أبغضه أبغضني ، مع ما أني أخصّه بما لم أخص به أحدا ، فقلت : يا رب ، أخي وصاحبي ووزيري ووارثي. فقال : إنه أمر قد سبق. إنه مبتلى ومبتلى به ، مع ما أني قد
__________________
(١) سبحات الله : جلاله وعظمته ، وهي في الأصل جمع سبحة ، وقيل : أضواء وجهه. «النهاية : ج ٢ ، ص ٣٣٢».