وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٢٨) [سورة الزمر : ٢٣ ـ ٢٨]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) يعني القرآن ، سماه الله حديثا ، لأنه كلام الله. والكلام سمي حديثا ، كما يسمى كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حديثا. ولأنه حديث التنزيل ، بعد ما تقدمه من الكتب المنزلة على الأنبياء ، وهو أحسن الحديث لفرط فصاحته ، ولإعجازه ، واشتماله على جميع ما يحتاج المكلف إليه من التنبيه على أدلة التوحيد والعدل وبيان أحكام الشرع ، وغير ذلك من المواعظ ، وقصص الأنبياء ، والترغيب والترهيب. (كِتاباً مُتَشابِهاً) يشبه بعضه بعضا ، ويصدق بعضه بعضا ، ليس فيه اختلاف ، ولا تناقض. وقيل : معناه أنه يشبه كتب الله المتقدمة ، وإن كان أعم وأجمع وأنفع. وقيل : متشابها في حسن النظم ، وجزالة اللفظ ، وجودة المعاني (مثاني) سمي بذلك لأنه يثنى فيه بعض القصص والأخبار والأحكام والمواعظ ، بتصريفها في ضروب البيان ، ويثنى أيضا في التلاوة ، فلا يمل لحسن مسموعه.
(تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) أي : تأخذهم قشعريرة خوفا مما في القرآن من الوعيد (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) إذا سمعوا ما فيه من الوعد بالثواب والرحمة. والمعنى : إن قلوبهم تطمئن وتسكن إلى ذكر الله الجنة والثواب. فحذف مفعول الذكر للعلم به. وروي عن العباس بن عبد المطلب أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله ، تحاتت (١) عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها». وقال قتادة :
__________________
(١) أي : تتساقط.