هذا نعت لأولياء الله ينعتهم بأن تقشعر جلودهم ، وتطمئن قلبهم إلى ذكر الله. ولم ينعتهم بذهاب عقولهم ، والغشيان عليهم ، إنما ذلك في أهل البدع ، وهو من الشيطان. [وقال جابر : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : إنّ قوما إذا ذكروا شيئا من القرآن ، أو حدثوا به ، صعق أحدهم حتى يرى أن أحدهم لو قطعت يداه أو رجلاه ، لم يشعر بذلك؟ فقال : «سبحان الله! ذاك من الشيطان ما بهذا نعتوا ، إنما هو اللين الرقة والدمعة والوجل»](١). (ذلِكَ) يعني القرآن (هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ) من عباده بما نصب فيه من الأدلة ، وهم الذين آتاهم القرآن من أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : يهدي به من يشاء من الذين اهتدوا به ، إنما خصهم بذلك لأنهم المنتفعون بالهداية ، ومن لم يهتد لا يوصف بأنه هداه الله ، إذ ليس معه هداية. (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) عن طريق الجنة (فَما لَهُ مِنْ هادٍ) أي : لا يقدر على هدايته أحد ... وقيل : معناه من ضل عن الله ورحمته ، فلا هادي له. يقال : أضللت بعيري : إذا ضل ... وقيل : معناه من يضلله عن زيادة الهدى والألطاف ، لأن الكافر لا لطف له. (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) تقديره أفحال من يدفع عذاب الله بوجهه يوم القيامة ، كحال من يأتي آمنا لا تمسه النار؟ وإنما قال (بِوَجْهِهِ) لأن الوجه أعز أعضاء الإنسان وقيل : معناه أمن يلقى في النار منكوسا. فأول عضو منه مسته النار وجهه. ثم أخبر سبحانه عما يقوله خزنة النار للكفار بقوله : (وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) أي : جزاء ما كسبتموه من المعاصي. ثم أخبر سبحانه عن أمثال هؤلاء الكفار من الأمم الماضية ، فقال : (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) بآيات الله ، وجحدوا رسله (فَأَتاهُمُ الْعَذابُ) عاجلا (مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) أي : وهم آمنون غافلون.
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٤٥١ ، ح ١.