مرض ، أو شدة (دَعانا) واستغاث بنا مسلما مخلصا في كشفه عالما بأنه لا يقدر غيرنا عليه. (ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا) أي : أعطيناه نعمة من الصحة في الجسم ، والسعة في الرزق ، أو غير ذلك من النعم (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) قيل فيه وجوه أحدها : قال إنما أوتيته بعلمي وجلدي وحيلتي ... فيكون هذا إشارة إلى جهلهم بمواضع المنافع. وثانيها : على علم على خبر علمه الله عندي ... وثالثها : على علم يرضاه عني. فلذلك أتاني ما أتاني من النعم. ثم قال : ليس الأمر على ما يقولونه (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) أي : بلية واختبار يبتليه الله بها ، فيظهر كيف شكره أو صبره في مقابلتها ، فيجازيه بحسبها. وقيل : معناه هذه النعمة فتنة أي : عذاب لهم إذا أضافوها إلى أنفسهم. وقيل : معناه هذه المقالة التي قالوها فتنة لهم ، لأنهم يعاقبون عليها. (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) البلوى من النعمى. وقيل : لا يعلمون أن النعم كلها من الله ، وإن حصلت بأسباب من جهة العبد (قَدْ قالَهَا) أي : قد قال مثل هذه الكلمة ، وهذه المقالة (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) مثل قارون حيث قال : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي. فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي : فلم ينفعهم ما كانوا يجمعونه من الأموال ، بل صارت وبالا عليهم (١).
ثم أخبر سبحانه عن حال هؤلاء الكفار ، فقال : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) أي : أصابهم عقاب سيئاتهم ، فحذف المضاف لدلالة الكلام عليه. وقيل : إنّما سمي عقاب سيئاتهم سيئة لازدواج الكلام كقوله : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها. وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ) أي : من كفار قومك يا محمد (سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) أيضا (وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) أي : لا يفوتون الله تعالى. وقيل : لا يعجزون الله بالخروج من قدرته (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٤٠٥.