يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) إلى قوله تعالى : (مِنَ النَّارِ) فردوا عليهم ، فقالوا : (إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) ، وقوله تعالى : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) أي في بطلان (١).
وقال ابن طاوس في (الدروع الواقية) ، قال : ذكر أبو جعفر أحمد القمّي في كتاب (زهد النبيّ) ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد نزل عليه جبرئيل ، وهو متغير اللون ـ وذكر حديثا طويلا ، قال : وفي الحديث ـ : أن أهل النار إذا دخلوها ورأوا أنكالها وأهوالها ، وعلموا عذابها وعقابها ، ورأوها كما قال زين العابدين عليهالسلام : «ما ظنك بنار لا تبقي على من تضرع إليها ، ولا تقدر على التخفيف عمن خشع لها ، واستسلم إليها ، تلقي سكّانها بأحرّ ما لديها من أليم النكال ، وشديد الوبال». يعرفون أنّ أهل الجنة في ثواب عظيم ، ونعيم مقيم ، فيؤملون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخفف عنهم بعض العذاب الأليم ، كما قال الله جل جلاله في كتابه العزيز : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ)(٢). قال : فيحبس عنهم الجواب إلى أربعين سنة ، ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار والتهوين : (إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ)(٣) ، قال : فيرون الخزنة عندهم وهم يشاهدون ما نزل بهم من المصاب فيؤملون أن يجدوا عندهم فرحا بسبب من الأسباب ، كما قال الله جلال جلاله : (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) ، قال : فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ، ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال (قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) قال : فإذا يئسوا من خزنة جهنم ، رجعوا إلى مالك مقدّم الخزان ، وأمّلوا أن يخلصهم من ذلك الهوان ، كما قال الله جلّ جلاله : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ)(٤) قال :
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٨.
(٢) الأعراف : ٥٠.
(٣) الأعراف : ٥٠.
(٤) الزخرف : ٧٧.