إلا ألقته ، حتى جعلوا يتترسون من الحصى ، فجعلنا نسمع وقع الحصى في الترس. فجلس حذيفة بين رجلين من المشركين ، فقام إبليس في صورة رجل مطاع في المشركين ، فقال : أيّها الناس ، إنكم قد نزلتم بساحة هذا الساحر الكذّاب ، ألا وإنه لا يفوتكم من أمره شيء ، فإنه ليس سنة مقام ، قد هلك الخفّ والحافر ، فارجعوا ، ولينظر كلّ واحد منكم جليسه. قال حذيفة : فنظرت عن يميني ، فضربت بيدي ، فقلت : من أنت؟ فقال : معاوية ، فقلت للذي عن يساري : من أنت؟ فقال سهيل بن عمرو.
قال حذيفة : وأقبل جند الله الأعظم ، فقام أبو سفيان إلى راحلته ، فصاح في قريش : النجاء النجاء. وقال طلحة الأزدي : لقد زادكم محمد بشر ، ثم قام إلى راحلته ، وصاح في بني أشجع : النجاء النجاء : وفعل عيينة بن حصن مثلها ، ثم فعل الحارث بن عوف المرّي مثلها ، ثم فعل الأقرع بن حابس مثلها ، وذهب الأحزاب ، ورجع حذيفة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره الخبر». قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنه كان أشبه بيوم القيامة» (١).
وقال علي بن إبراهيم : إنها نزلت في قصة الأحزاب من قريش والعرب ، الذين تحزّبوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال : وذلك أن قريشا تجمّعت في سنة خمس من الهجرة ، وساروا في العرب ، وجلبوا (٢) ، واستنفروهم لحرب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فوافوا في عشرة آلاف ، ومعهم كنانة ، وسليم ، وفزارة.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين أجلى بني النّضير ـ وهم بطن من اليهود ـ من المدينة ، وكان رئيسهم حيّي بن أخطب ، وهم يهود من بني هارون عليهالسلام ،
__________________
(١) الكافي : ج ٨ ، ص ٢٧٧ ، ح ٤٢٠.
(٢) أجلب الرجل الرجل : إذا توعده بشر ، وجمع الجمع عليه. «لسان العرب ـ جلب ـ ج ١ ، ص ٢٧٢».