قريش : النجاء ، النجاء ، ثم فعل عيينة بن حصن مثلها ، وفعل الحارث بن عوف مثلها ، وذهب الأحزاب ، ورجع حذيفة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره الخبر ، وأنزل الله على رسوله : (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها)(١) إلى ما شاء الله من السورة.
وأصبح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمسلمين حتى دخل المدينة ، فضربت له ابنته فاطمة عليهاالسلام غسولا ، فهي تغسل رأسه إذ أتاه جبرئيل عليهالسلام على بغلة ، معتجرا بعمامة بيضاء ، عليه قطيفة من استبرق ، معلّق عليها الدر والياقوت ، عليه الغبار ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فمسح الغبار عن وجهه ، فقال له جبرئيل : رحمك الله ، وضعت السلاح ولم يضعه أهل السماء؟ وما زلت أتّبعهم حتى بلغت الروحاء. ثم قال جبرئيل عليهالسلام : انهض إلى إخوانهم من أهل الكتاب ، فو الله لأدقّنّهم دق البيضة على الصخرة.
فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا عليهالسلام فقال : قدّم راية المهاجرين إلى بني قريظة ، وقال : عزمت عليكم ألا تصلّوا العصر إلا في بني قريظة ؛ فأقل علي عليهالسلام ، ومعه المهاجرون ، وبنو عبد الأشهل ، وبنو النجار كلها ، لم يتخلف عنه منهم أحد ، وجعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يسرّب إليه الرجال ، فما صلى بعضهم العصر إلا بعد العشاء ، فأشرفوا عليه ، وسبوه ، وقالوا : فعل الله بك ، وبابن عمك ، وهو واقف لا يجيبهم ، فلما أقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمسلمون حوله ، تلقّاه أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقال : لا تأتهم ـ يا رسول الله ، جعلني الله فداك ـ فإن الله سيجزيهم. فعرف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنهم قد شتموه ، فقال : أما إنهم لو رأوني ما قالوا شيئا مما سمعت ، وأقبل ، ثم قال : يا إخوة القردة ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ، يا عباد الطواغيت ، اخسؤوا ، أخسأكم الله ،
__________________
(١) الأحزاب : ٩.