يا هشام ، قد جعل الله ذلك دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا ، فقال : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(١). وقال : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٢). وقال : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(٣).
وقال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ، أي يجيء من كل جانب وربما كانت حارة ، وربما كانت باردة ، ومنها ما يسير السحاب ، ومنها ما يبسط الرزق في الأرض ، ومنها ما يلقح الشجر (٤).
وقال أبو بصير : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الرياح الأربع : الشمال ، والجنوب ، والصبا ، والدبور ، وقلت : إن الناس يذكرون أن الشمال من الجنة والجنوب من النار؟
فقال : «إن لله عزوجل جنودا من رياح ، يعذب بها من يشاء ممن عصاه ، فلكلّ ريح منها ملك موكل بها ، فإذا أراد الله عزّ ذكره أن يعذب قوما بنوع من العذاب أوحى إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح التي يريد أن يعذبهم بها ـ قال ـ فيأمرها الملك فتهيج كما يهيج الأسد المغضب ـ قال ـ ولكل ريح منها اسم ، أما تسمع قول الله عزوجل : (رِيحاً صَرْصَراً)(٥) ، وقال : (الرِّيحَ الْعَقِيمَ)(٦) ، وقال : (رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ)(٧) ، وقال : (فَأَصابَها إِعْصارٌ
__________________
(١) النحل : ١٢.
(٢) غافر : ٦٧.
(٣) الكافي : ج ١ ، ص ١٠ ، ح ١٢.
(٤) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٩٣.
(٥) القمر : ١٨ ، ١٩.
(٦) الذاريات : ٤١.
(٧) الأحقاف : ٢٤.