تهجد بالقرآن في جوف الليل ، فمرّ به نفر من الجنّ ، فلما سمعوا قراءة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، استمعوا له ، فلما سمعوا قراءته ، قال بعضهم لبعض : (أَنْصِتُوا) ، يعني اسكتوا : (فَلَمَّا قُضِيَ) ، أي فرغ : (وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ) ، إلى قوله تعالى : (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ، فجاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأسلموا وآمنوا ، وعلمهم شرائع الإسلام ، فأنزل على نبيه :
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ)(١) ، السورة كلّها ، فحكى [الله] عزوجل قولهم وولى عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكانوا يعودون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في كل وقت ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنين عليهالسلام أن يعلمهم ويفقّههم ، فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون ، ويهود ونصارى ومجوس ، وهم ولد الجانّ (٢).
قال : وسئل العالم عليهالسلام عن مؤمني الجنّ أيدخلون الجنّة؟ فقال : «لا ، ولكن لله حظائر بين الجنّة والنار ، ويكون فيها مؤمنو الجنّ وفساق الشيعة (٣).
وقال الطبرسي في (الاحتجاج) : عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد سأله يهوديّ ، قال اليهودي : فإنّ هذا سليمان سخّرت له الشياطين ، يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل.
قال له علي عليهالسلام : «لقد كان كذلك. ولقد أعطي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل من هذا ، إن الشياطين سخرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها ، وسخرت لنبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم الشياطين بالإيمان ، فأقبل إليه من الجنّ تسعة من أشرافهم ، واحد
__________________
(١) الجن : ١.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٩٨.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٠٠.