فقال : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ) أي الذين تخلفوا عن صحبتك في وجهتك وعمرتك ، وذلك أنه لما أراد المسير إلى مكة ، عام الحديبية ، معتمرا ، وكان في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة ، استنفر من حول المدينة إلى الخروج معه ، وهم : غفار وأسلم ومزينة وجهينة وأشجع والدئل ، حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب ، أو بصد. وأحرم بالعمرة ، وساق معه الهدي ، ليعلم الناس أنه لا يريد حربا. فتثاقل عنه كثير من الأعراب ، فقالوا : نذهب معه إلى قوم قد جاءوه فقتلوا أصحابه فتخلفوا عنه واعتلوا بالشغل ، فقال سبحانه : إنهم يقولون لك إذا انصرفت إليهم فعاتبتهم على التخلف عنك (شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا) عن الخروج معك (فَاسْتَغْفِرْ لَنا) في قعودنا عنك. فكذبهم على الله تعالى فقال (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) كذبهم في اعتذارهم بما أخبر عن ضمائرهم وأسرارهم أي : لا يبالون استغفر لهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أم لا. (قُلْ) يا محمد (فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً) أي فمن يمنعكم من عذاب الله ، إن أراد بكم سوءا ونفعا أي : غنيمة ... وذلك أنهم ظنوا عن تخلفهم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يدفع عنهم الضر ، أو يجعل لهم النفع بالسلامة في أنفسهم وأموالهم ، فأخبرهم سبحانه أنه إن أراد شيئا من ذلك ، لم يقدر أحد على دفعه عنهم (بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) أي عالما بما كنتم تعملون في تخلفكم (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً) أي ظننتم أنهم لا يرجعون إلى من خلفوا بالمدينة من الأهل والأولاد ، لأن العدو يستأصلهم ويصطليهم (وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ) أي زين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم ، و؟؟؟ سوله لكم. (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) في هلاك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين ، وكل هذا من الغيب الذي لا يطلع عليه أحد إلا الله ، فصار معجزا لنبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم. (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) أي هلكى لا تصلحون لخير ... وقيل : قوما فاسدين ... (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ