وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً) أي نارا تسعرهم وتحرقهم (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) ذنوبه (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) إذا استحق العقاب (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) ظاهر المعنى. ثم قال : (سَيَقُولُ) لك (الْمُخَلَّفُونَ) يعني هؤلاء (إِذَا انْطَلَقْتُمْ) أيها المؤمنون (إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها) يعني غنائم خيبر (ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ) أي اتركونا نجيء معكم ، وذلك أنهم لما انصرفوا من عام الحديبية بالصلح ، وعدهم الله سبحانه فتح خيبر ، وخص بغنائمها من شهد الحديبية. فلما انطلقوا إليها قال هؤلاء المخلفون : ذرونا نتبعكم. فقال سبحانه : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) أي مواعيد الله لأهل الحديبية بغنيمة خيبر خاصة. أرادوا تغيير ذلك بأن يشاركوهم فيها ... وقيل : يريد أمر الله لنبيه أن لا يسير معه منهم أحد ... (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) أي : قال الله بالحديبية قبل خيبر.
وقبل مرجعنا إليكم : إن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ، لا يشركهم فيها غيرهم ... وقال الجبائي : أراد بقوله (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) قوله سبحانه : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) وهذا غلط فاحش ، لأن هذه السورة نزلت بعد الانصراف من الحديبية في سنة ست من الهجرة ، وتلك الآية نزلت في الذين تخلفوا عن تبوك ، وكانت غزوة تبوك بعد فتح مكة ، وبعد غزوة حنين والطائف ، ورجوع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منها إلى المدينة ، ومقامه ما بين ذي الحجة إلى رجب ، ثم تهيأ في رجب للخروج إلى تبوك ، وكان منصرفه من تبوك في بقية رمضان ، من سنة تسع من الهجرة ، ولم يخرج صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ذلك لقتال ، ولا غزو ، إلى أن قبضه الله تعالى ، فكيف تكون هذه الآية مرادة بقوله (كَلامَ اللهِ) ، وقد نزلت بعده بأربع سنين لو لا أن العصبية ترين على قلوب. ثم قال (فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا) أي فسيقول المخلفون عن الحديبية لكم إذا قلتم هذا لم يأمركم الله تعالى به ، بل أنتم