فقال : صدقتم ، فما مخرجي مما وقعت فيه؟ قالوا : تحدث نفسك بغير ذلك ، فعسى الله أن يرد عليك ، قال : فحدث نفسه بخير ، فرجعت حدقتاه حتى ثبتتا مكانهما ، قال : فدعا بالقوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم ، ثم أتى البيت وكساه ، وأطعم الطعام ثلاثين يوما كل يوم مائة جزور ، حتى حملت الجفان إلى السباع في رؤوس الجبال ، ونثرت الأعلاف في الأودية للوحوش ، ثم انصرف من مكة إلى المدينة ، فأنزل بها قوما من أهل اليمن من غسان ، وهم الأنصار.
وفي رواية أخرى : كساه النطاع (١) وطيّبه (٢).
قلت : وقد تقدم حديث في تبع في سورة البقرة ، في قوله عزوجل : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) فليؤخذ من هناك (٣).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام ، قال : «إن تبعا قال للأوس والخزرج : كونوا ها هنا حتى يخرج هذا النبي ، أما أنا فلو أدركته لخدمته ولخرجت معه (٤).
وقال ابن عباس : لا يشبهن عليكم أمر تبع فإنه كان مسلما (٥).
وعن أبان رفعه : إن تبعا قال في مسيره :
ولقد أتاني من قريظة عالم |
|
حبر لعمرك في اليهود مسود (٦) |
قال ازدجر عن قرية محجوبة |
|
لنبي مكة من قريش تهتد |
فعفوت عنهم عفو غير مثرب |
|
وتركتهم لعقاب يوم سرمد |
__________________
(١) النطع : بساط من الجلد ، يقال : كسا بيت بالأنطاع. «المعجم الوسيط : ج ٢ ، ص ٩٣٠.
(٢) الكافي : ج ٤ ، ص ٢١٥ ، ح ١.
(٣) تقدم في الحديث من تفسير الآية (٨٩) من سورة البقرة.
(٤) كمال الدين وتمام النعمة : ص ١٧٠ ، ح ٢٦.
(٥) كمال الدين وتمام النعمة : ص ١٧١ ، ح ٢٧.
(٦) في هذا البيت إقواء ، وكذلك البيت الخامس والسابع.