فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : امض يا علي فيما أمرتك واستعذ بالله من الجاهلين. وهرول عليّ عليهالسلام من الصّفا إلى المشعرين ، ونادى وأسمع ودعا ، فما استتمّ كلامه حتى كادت الأرض أن تسيخ بأهلها ، والسماء أن تقع على الأرض ، فقالوا : يا محمد ، حيث أعجزك شق القمر أتيتنا بسحرك لتفتنا به. فقال النبي (صلوات الله عليه وآله) : هان عليكم ما دعوت الله به. فإن السماء والأرض لا يهون عليهما ذلك ، ولا يطيقان سماعه ، فقفوا بأماكنكم وانظروا إلى القمر.
قال : ثم إن القمر انشقّ نصفين ، قسم وقع على الصّفا ، وقسم وقع على المشعرين ، فأضاءت دواخل مكة وأوديتها وشعابها ، وصاح الناس من كل جانب آمنا بالله ورسوله. وصاح المنافقون : أهلكتنا بسحرك فافعل ما تشاء ، فلن نؤمن لك بما جئتنا به ، ثم رجع القمر إلى منزله من الفلك ، وأصبح الناس يلوم بعضهم بعضا ، ويقولون لكبرائهم : والله لنؤمنن بمحمد ، ولنقاتلنكم معه مؤمنين به ، فقد سقطع الحجّة وتبينت الأعذار ، وتبين الحق. وأنزل الله عزوجل في ذلك اليوم سورة أبي لهب واتصلت به. فقال : آه لمحمد ، نظر ما قلته له في تأليفه هذا الكلام ، والله إن محمدا ليعاديني لكفري به وتكذيبي له ، فإنه ليس من أولاد عبد المطلب ، لما أتت أمه بتلك الفاحشة وحرقها أبونا عبد المطلب على الصفا ، وكان أشدهم له جحدا الحارث والزبير وأبو لهب ، فحلفت باللات والعزى أنه من أبينا عبد المطلب حتى ألحقت عبد الله بالنسب ، فمن أجل ذلك شعر وألف هذا الذي زعم أنه سورة أنزلها الله عليه فيّ ، فوحق اللات والعزى لو أتى محمد بما يملأ الأفق فيّ من مدح ما آمنت به ، وحسبي أن أباين محمدا من أهل بيته فيما جاء به ، ولو عذبني رب الكعبة بالنار.
فآمن في ذلك اليوم ستمائة واثنا عشر رجلا أسرّ أكثرهم إيمانه وكتمه إلى أن هاجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومات أبو لهب على كفره ، وقتل أبو جهل ،