أنها لا ترد عن موضعها. وأجمعوا أمرهم وجاءوا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا : يا محمد ، اجعل بيننا وبينك آية ، إن أتيت بها آمنّا بك وصدقناك. فقال لهم : سلوا ، فإني آتيكم بكل ما تختارون. فقالوا : الوعد بيننا وبينك سواد الليل وطلوع القمر ، وأن تقف بين المشعرين ، فتسأل ربك الذي تقول إنه أرسلك رسولا ، أن يشق القمر شعبتين وينزله ، من السماء حتى ينقسم قسمين ، ويقع قسم على المشعرين وقسم على الصفا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الله أكبر ، أنا وفيّ بالعهد ، فهل أنتم موفون بما قلتم إنكم تؤمنون بالله ورسوله؟ قالوا : نعم يا محمد. وتسامع الناس ، ثم تواعدوا سواد الليل. وأقبل الناس يهرعون إلى البيت وحوله حتى أقبل الليل وأسود ، وطلع القمر وأنار ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين عليهالسلام ومن آمن بالله ورسوله ، يصلّون خلف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويطوفون بالبيت.
وأقبل أبو لهب وأبو جهل وأبو سفيان على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا : الآن يبطل سحرك وكهانتك وحيلتك ، هذا القمر ، فأوف بوعدك. فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : قم ـ يا أبا الحسن ـ فقف بجانب الصّفا ، وهرول إلى المشعرين ، وناد نداء ظاهرا ، وقل في ندائك : اللهم رب البيت الحرام ، والبلد الحرام ، وزمزم والمقام ، ومرسل الرسول التهامي ، ائذن للقمر أن ينشق وينزل إلى الأرض ، فيقع نصفه على الصفا ونصفه على المشعرين ، فقد سمعت سرّنا ونجوانا وأنت بكل شيء عليم.
قال : فتضاحكت قريش فقالوا : إن محمدا قد استشفع بعليّ ، لأنه لم يبلغ الحلم ولا ذنب له ، وقال أبو لهب : لقد أشمتني الله بك ـ يا بن أخي ـ في هذه الليلة. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إخسأ ، يا من أتبّ الله يديه ، ولم ينفعه ماله ، وتبوّأ مقعده من النار. قال أبو لهب : لأفضحنّك في هذه الليلة بالقمر وشقّه وإنزاله إلى الأرض ، وإلّا ألفت كلامك هذا وجعلته سورة ، وقلت : هذا أوحي إلي في أبي لهب.