وأما قوله : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) ، يقول : من دونهما في الفضل ، وليس من دونهما في القرب ، وهما لأصحاب اليمين ، وهي جنة النعيم وجنة المأوى ، وفي هذه الجنان الأربع فواكه في الكثرة كورق الشجر والنجوم ، وعلى هذه الجنان الأربع حائط محيط بها ، طوله مسيرة خمس مائة عام ، لبنة من فضة ، ولبنة من ذهب ، ولبنة من در ، ولبنة من ياقوت ، وملاطه المسك والزعفران ، وشرفه فور يتلألأ ، يرى الرجل وجهه في الحائط ، وفي الحائط ثمانية أبواب ، على كلّ باب مصراعان ، عرضهما كحضر (١) الفرس الجواد سنة (٢).
وقال عثمان بن محمد بن عمران : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله جلّ ثناؤه : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) ، قال : «خضراوان في الدنيا يأكل المؤمنون منها حتى يفرغ من الحساب (٣).
وقال أبو بصير : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك ، أخبرني عن الرجل المؤمن ، له امرأة مؤمنة ، يدخلان الجنة ، يتزوج أحدهما الآخر؟ فقال : «يا أبا محمد ، إن الله حكم عدل ، إذا كان هو أفضل منها خيّره ، فإن اختارها كانت من أزواجه ، وإن كانت هي خيرا منه خيرها ، فإن اختارته كان زوجا لها»
قال : وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «لا تقولنّ جنة واحدة ، إن الله يقول : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) ، ولا تقولن درجة واحدة ، إن الله تعالى يقول : «درجات بعض فوق بعض إنما تفاضل القوم بالأعمال.
__________________
(١) الحضر بالضم : العدو. «النهاية : ج ١ ، ص ٣٩٨.
(٢) الاختصاص : ص ٣٥٦.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٤٥.