منهن سبعون حلّة ، يرى بياض سوقهن من وراء الحلل السبعين ، كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء ، والسلك الأبيض في الياقوتة الحمراء ، يجامعها في قوة مائة رجل في شهوة أربعين سنة ، وهن أتراب أبكار عذارى ، كلما نكحت صارت عذراء : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ)(١) يقول : لم يمسهن إنسي ولا جني قط : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) ، يعني خيرات الأخلاق حسان الوجوه : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ)(٢) ، يعني صفاء الياقوت وبياض اللؤلؤ. قال : «وإن في الجنة لنهرا حافتاه الجواري ـ قال : ـ فيوحي إليهن الربّ تبارك وتعالى : أسمعن عبادي تمجيدي وتسبيحي وتحميدي ؛ فيرفعن أصواتهنّ بألحان وترجيع لم يسمع الخلائق مثلها قط ، فيطرب أهل الجنّة (٣).
أقول : وفي آخر وصف للنعم الموجودة في هذه الجنّة يذكر سبحانه تعالى : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ).
«رفرف في الأصل بمعنى الأوراق الواسعة للأشجار ، ثم أطلقت على الأقمشة الملونة الزاهية التي تشبه مناظر الحدائق.
«عبقري في الأصل بمعنى كل موجود قل نظيره ، ولذا يقال للعلماء الذين يندر وجودهم بين الناس (عباقرة) ويعتقد الكثير أن كلمة (عبقر) كان في البداية اسما لمدينة (بريان) انتخبه العرب لها ، لأن هذه المدينة كانت في مكان غير معلوم ونادر. لذا فإن كل موضوع يقلّ نظيره ينسب لها ويقال «عبقري. وذكر البعض أن «عبقر كانت مدينة تحاك فيها أفضل المنسوجات الحريرية (٤). والمعنى الأصلي لهذه الكلمة متروك في الوقت الحاضر
__________________
(١) مختصر بصائر الدرجات : ص ٥٦.
(٢) الكافي : ج ٨ ، ص ٢٣٠ ، ح ٢٩٨ ، ومعاني الأخبار : ص ١٨٢ ، ح ١.
(٣) الرحمن : ٥٦ ، ٧٤.
(٤) الرحمن : ٥٨.