آمنت بك ، وصدقت رسلك ، وجاهدت في سبيلك. قال : فماذا فعلت فيما آتيتك؟ قال : أنفقته في طاعتك. قال : فماذا أورثت في عقبك؟ قال : خلقتني وخلقتهم ، ورزقتني ورزقتهم ، وكنت قادرا على أن ترزقهم كما رزقتني ، فوكلت عقبي إليك. فيقول الله عزوجل : صدقت ، اذهب ، فلو تعلم مالك عندي لضحكت كثيرا.
ثم يدعى بالمؤمن الفقير ، فيقول : يا عبدي ، فيقول : لبيك يا رب ، فيقول : ماذا فعلت؟ فيقول : يا رب هديتني لدينك ، وأنعمت علي ، وكففت عني ما لو بسطته لخشيت أن يشغلني عما خلقتني له. فيقول الله عزوجل : صدق عبدي لو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا.
ثم يدعى بالكافر الغني فيقول له : ما أعددت للقائي؟ فيعتل فيقول : ما أعددت شيئا. فيقول : ماذا فعلت فيما أتيتك؟ فيقول : ورثته عقبي ، فيقول : من خلقك؟ فيقول : أنت. فيقول : من رزقك؟ فيقول : أنت. فيقول : من خلق عقبك؟ فيقول : أنت. قال : ألم أك قادرا أن أرزق عقبك كما رزقتك؟ فإن قال : نسيت ، هلك ، وإن قال : لم أدر ما أنت ؛ هلك ، فيقول الله عزوجل : لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا.
ثم يدعى بالكافر الفقير ، فيقول له : يا بن آدم فما فعلت فيما أمرتك؟ فيقول : ابتليتني ببلاء الدنيا حتى أنسيتني ذكرك ، وشغلتني عما خلقتني له. فيقول : فهل دعوتني فأرزقك ، وسألتني فأعطيك؟ فإن قال : رب نسيت ؛ هلك ، وإن قال : لم أدر ما أنت ؛ لك ، فيقول : لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا (١).
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٧.