أي وأعطيناهم (مِنَ الْآياتِ) يعني الدلالات والمعجزات مثل فلق البحر ، وتظليل الغمام ، وإنزال المن والسلوى. (ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ) أي ما فيه النعمة الظاهرة ... وقيل : ما فيه شدة وامتحان مثل العصا ، واليد البيضاء. فالبلاء يكون بالشدة والرخاء ... فيكون في الآيات نعمة على الأنبياء وقومهم ، وشدة على الكفار المكذبين بهم.
ثم أخبر سبحانه عن كفار قوم نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين ذكرهم في أول السورة فقال : (إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) أي ما الموتة إلا موتة نموتها في الدنيا ، ثم لا نبعث بعدها ، وهو قوله : (وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) أي بمبعوثين ، ولا معادين (فَأْتُوا بِآبائِنا) الذين ماتوا قبلنا ، وأعيدوهم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في أن الله تعالى يقدر على إعادة الأموات وإحيائهم. وقيل : إن قائل هذا أبو جهل بن هشام قال : إن كنت صادقا فابعث جدك قصي بن كلاب ، فإنه كان رجلا صادقا ، لنسأله عما يكون بعد الموت. وهذا القول جهل من أبي جهل من وجهين أحدهما : إن الإعادة إنما هي للجزاء ، لا للتكليف. وليست هذه الدار بدار جزاء ، ولكنها دار تكليف ، فكأنه قال : إن كنت صادقا في إعادتهم للجزاء ، فأعدهم للتكليف. والثاني : إن الإحياء في دار الدنيا إنما يكون للمصلحة ، فلا يقف ذلك على اقتراحهم ، لأنه ربما تعلق بذلك مفسدة (١).
وقال أبو جعفر عليهالسلام : قوله عزوجل : (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) ، قال : «الأئمة من المؤمنين ، وفضلناهم على من سواهم (٢).
وقال عبد الله بن عباس : كان رجل على عهد عمر بن الخطاب ، له إبل بناحية أذربايجان ، قد استصعبت عليه جملة فمنعت جانبها ، فشكا إليه ما قد
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١١٠ ـ ١١١.
(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٧٤ ، ح ٢.