ناله وأنه كان معاشه منها ، فقال له : اذهب فاستغث الله عزوجل ، فقال الرجل : ما أزال أدعو وأبتهل إليه ، فكلما قربت منها حملت علي. قال : فكتب له رقعة فيها : من عمر أمير المؤمنين إلى مردة الجن والشياطين أن تذللوا هذه المواشي له. قال : فأخذ الرجل الرقعة ومضى ، فاغتممت لذلك غما شديدا ، فلقيت أمير المؤمنين عليا عليهالسلام فأخبرته مما كان ، فقال : «والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليعودن بالخيبة ، فهدأ ما بي ، وطالت علي سنتي ، وجعلت أرقب كل من جاء من أهل الجبال ، فإذا أنا بالرجل قد وافى وفي جبهته شجّة تكاد اليد تدخل فيها ، فلما رأيته بادرت إليه ، فقلت له : ما وراءك؟ فقال : إني صرت إلى الموضع ، ورميت بالرقعة ، فحمل علي عداد منها ، فهالني أمرها ، فلم تكن لي قوة بها ، فجلست فرمحني (١) أحدها في وجهي ، فقلت : اللهم اكفنيها ، فكلّها يشد علي ويريد قتلي ، فانصرفت عني ، فسقطت فجاء أخ لي فحملني ، ولست أعقل ، فلم أزل أتعالج حتى صلحت ، وهذا الأثر في وجهي ، فجئت لأعلمه يعني عمر. فقلت له : صر إليه فأعلمه.
فلما صار إليه ، وعنده نفر ، فأخبره بما كان فزبره ، وقال له : كذبت لم تذهب بكتابي ، قال : فحلف الرجل بالله الذي لا إله إلا هو ، وحق صاحب هذا القبر ، لقد فعل ما أمره به من حمل الكتاب ، وأعلمه أنه قد ناله منها ما يرى ، قال : فزبره وأخرجه عنه.
فمضيت معه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فتبسم ثم قال : «ألم أقل لك ، ثم أقبل على الرجل ، فقال له : «إذا انصرفت فصر إلى الموضع الذي هي فيه ، وقل : اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة ، وأهل بيته الذين اخترتهم على علم على العالمين ، اللهم فذلل لي صعوبتها وحزانتها ، واكفني شرها ، فإنك
__________________
(١) رمحت الدابة فلانا : رفسته. «أقرب الموارد ـ رمح ـ ج ١ ، ص ٤٣.