وضع لما كان لنا أن نتكلّم بكلام لم يسبق إليه ، إذ المركب الذي أحدثناه لم يسبق إليه أحد.
توضيحه : انّه لو كان للمجموع وراء المفردات والهيئة وضع للزم أن تكون صحة الاستعمال متوقفة على الوضع المذكور ، وعلى ذلك فلو كانت الجملة مما سبق استعمالها وتعلق بها وضع الواضع يصحّ لنا الاستعمال ، وأمّا إذا كانت من الجمل المحدثة التي لم يسبق استعمالها ولم يتعلق بها الوضع لزم عدم صحّة استعمالها ، لأنّها ليست على موازين الوضع كقولنا : « ارمسترونغ أوّل رائد فضائي ».
وربّما يورد على تلك النظرية بأنّه : لو صحّ لزم الانتقال إلى المعنى مرتين في آن واحد ، لفرض وضع المفردات مرّة ، والمجموع من حيث المجموع مرّة أُخرى ، وهذا يكون نظير ما إذا أتى الإنسان أوّلاً بأسماء كلّ عضو من أعضاء الإنسان ، ثمّ أتى بلفظ الإنسان الجامع للأعضاء كلّها مرة ثانية.
يلاحظ عليه : أنّ الانتقال معلول للأُنس الحاصل من الاستعمال المعلول للوضع ، وتعدّد الوضع لا يوجب تعدّد الانس فلا يلزم الانتقال.
إكمال
المعروف انّوضع المواد شخصي ووضع الهيئات نوعي ، ويراد منه أنّ المصدر بوحدته الشخصية كالضرب والقتل موضوع لمعناه ، بخلاف الهيئات فانّها موضوعة بجامعها العنواني فيقال هيئة فاعل وضعت لمن قام بالفعل.
وقد أورد عليه بأنّه إن أُريد من نوعية الوضع في الهيئات عدم اختصاصها بمادة معينة فانّ المادة أيضاً غير مختصة بهيئة معينة ، فانّ المصدر له صيغ مختلفة كالضارب والمضروب التي هي كالهيئة بالنسبة إلى المصدر.