المعنى من اللفظ عند أهل اللسان وتبادرهم موقوف على علمهم بالوضع من طرق شتّى.
ثمّ إنّ هناك كلاماً للمحقّق العراقي في رفع الدور حيث قال : إنّ العلم المستفاد بالتبادر غير العلم الذي يتوقف عليه التبادر حتى لو قلنا بتوقفه على العلم التفصيلي ، لأنّه يكفي في ارتفاع الدور تغاير الموقوف والموقوف عليه بالشخص لا بالنوع ولا بالصنف ، ولا شبهة في مغايرة العلم الشخصي الحاصل بالتبادر للعلم الشخصي الذي يتوقف عليه التبادر. (١)
يلاحظ عليه : أنّه إذا كان العلم التفصيلي الثاني موجوداً في لوح النفس قبل التبادر ، فلا معنى لتحصيل مثله كما لا يخفى.
بقيت هنا أُمور :
الأوّل : ربما يقال إذا كان الموضوع للاحتجاج هو ظهور الكلام سواء أكان حقيقة أم مجازاً فلا فائدة في معرفة الموضوع له ، وتمييز المعنى المجازي عن المعنى الحقيقي والذي يعتبره العقلاء هو ظـهور الكلام سواء كان الموضوع له أو لا. (٢)
يلاحظ عليه : أنّه إذا كان الكلام ظاهراً في معنى ، كان لما ذكره وجه ، وأمّا إذا كان الكلام مجملاً فانعقاد الظهور موقوف على العلم بالوضع ، وهو يُعرف بالتبادر فيكون لمعرفة الموضوع له أثر وفائدة.
الثاني : انّ تبادر المعنى من اللفظ في زماننا لا يثبت كونه المعنى الحقيقي في عصر الرسول والأئمّة عليهمالسلام حتى يحمل اللفظ الوارد من الكتاب والسنّة عليه إلاّ أن يعضد بأصالة عدم النقل ، وقلنا بأنّ مثبتاتها حجّة ، ولعلّه على هذا جرت سيرة
__________________
١ ـ المحقّق العراقي : بدائع الأفكار : ١ / ٩٧.
٢ ـ المحقّق العراقي : المقالات : ٣١ ، والتعبير منّا.