فلمّا سمع القزويني الجوابَ ركب راحلتَه وعاد إلى قزوين من دون أن يرى حاجة لمواجهة الخوانساري.
إنّ هذا النوع من التفكير الذي كان عليه القزويني شائع بين أهل العرفان المجرّدين عن البرهان حتى انّ جلال الدين الرومي من تلك الزمرة حيث يبرهن بالعقل على عدم حجّية العقل ويقول :
پاى استدلاليان چوبين بود |
|
پاى چوبين سخت بى تمكين بود |
وحاصله : انّ البرهان كالقدم الخشبي ، والقدم الخشبي ضعيف المقاومة ، فينتج انّ البرهان ضعيف المقاومة ، ترى أنّه يستدلّ بالبرهان العقلي على صورة الشكل الأوّل على بطلان البرهان.
هذا وقد أجاب الشيخ الرئيس عن الدور الذي طرحه العارف أبو سعيد أبو الخير وقال : إنّ كلية الكبرى موقوفة على العلم باندراج الأصغر في الأكبر إجمالاً ، والمقصود من النتيجة حصوله تفصيلاً ؛ وقد أوضحه المحقّق السبزواري في شرحه على منطق منظومته وقال : إنّ الحكم يختلف باختلاف العنوان ، حتى يكون الموضوع بحسب وصف ، معلوم الحكم ، وبحسب وصف آخر مجهولاً ، فيستفاد حكمه باعتبار وصف ، من العلم بحكمه باعتبار وصف آخر ، فإذا قلنا كلّ إنسان حيوان ، وكلّ حيوان حساس ، أخذنا أفراد الحيوان الذي هو الحد الأوسط بعنوان الحيوان ، لا بعنوان الإنسان ومجانساته ، فلا دور ولا مصادرة ، وتختلف الأحكام باختلاف العنوانات اختلافاً بيناً. (١)
فالإنسان بما انّه حيوان ، نعلم أنّه حساس ، ونريد أن نقف على أنّه حساس ، بما انّه إنسان فالعلم الثاني موقوف على الأوّل بلا عكس.
__________________
١ ـ الحكيم السبزواري : شرح المنظومة : قسم المنطق ، ٧٩.