أبي علي ابن سينا قائلاً : بأنّ الاستنتاجات كلها من طرق الأشكال الأربعة والثلاثة الأخيرة تنتهي إلى الشكل الأوّل وهو مستلزم للدور ، لأنّ ثبوت النتيجة يتوقف على كلية الكبرى ، ولا يعلم صدق الكبرى على النحو الكلي حتى يكون الأكبر ( الحادث ) صادقاً على الأصغر ( العالم ).
وكان في وسع الشيخ أبي سعيد تبيين الشبهة بأقوى من ذلك بأن يقول : إنّ الموادّ التي تتألف من الأقيسة لا تتجاوز عن خمسة أقسام.
فالقسم الشعري والمغالطي خارجان عن حيّز الاعتبار ، وقسم الجدل لإسكات الخصم وتبكيته ، وربما يكون باطلاً عند المجادل ، والقياس الخطابي لإقناع الإنسان العاجز عن إدراك البرهان ، والقياس البرهاني يصاغ بأحد الأشكال الأربعة ، وأفضلها هو الشكل الأوّل وهو لا ينتج لاستلزامه الدور.
وقد نقل انّ الشيخ ملا خليل القزويني الذي تتلمذ على الشيخ بهاء الدين العاملي والمحقّق الداماد كان ممّن يجوّز الترجيح بلا مرجّح ويستشهد برغيفي الجائع وطريق الهارب وانّه يختار أحدهما بلا مرجح ، كما يعتقد ببطلان الشكل الأوّل لاستلزامه الدور بالبيان الآتي ، ولما وقف على أنّ المحقّق آغا حسين الخوانساري أجاب عن شبهته ، غادر قزوين متوجهاً إلى إصفهان ولما نزل بها ودخل المدرسة صادف بها أحد تلاميذ الخوانساري أعني الشيخ ميرزا محمد حسن الشيرواني فسأله عن سبب مجيئه إلى إصفهان ، فقال : جئت لأناظر الخوانساري لاعتقاده بصحّة الشكل الأوّل وأنا أعتقد بكونه عقيم.
فقال الشيرواني : لماذا؟
أجاب : لأنّه مستلزم للدور ، والدور باطل ، فالشكل الأوّل باطل.
فقال الشيرواني : يا للعجب ما أتقن برهانَك حيث تستدل بالشكل الأوّل على بطلان الشكل الأوّل ، فانّ ما ذكرته نفس الشكل الأوّل.