الإبهام لا نعرف منه شيئاً ، وإن كان الإجمال زائلاً بملاحظة آثاره وخواصّه.
فنقول : إنّ ادّعاء تبادر الصحيح على الافتراض الأوّل غير ممكن ، لأنّ المفروض أنّ اللفظ مجمل فيها ، ومهما رجع العارف باللسان إلى ارتكازه لا يتبادر منه شيء.
كما أنّ تبادر الصحيح منه على الافتراض الثاني وإن كان أمراً ممكناً لكنّه يرجع إلى الدليل الثالث ، وهو التعرف على الموضوع من حيث السعة والضيق من خلال آثاره كمعراج المؤمن.
وبالجملة : لمّا ذهب المحقّق الخراساني وتلميذه المحقّق الاصفهاني إلى إجمال معنى اللفظ وإبهامه وعدم وضوحه إلاّ من خلال آثاره ، لم يكن لهم بد من إرجاع الدليل الأوّل إلى الثالث وحذف التبادر بما انّه دليل مستقل ، إذ لا معنى للتبادر مع القول بالإجمال ، وبعد رفع الإجمال بالآثار لا حاجة إلى التبادر لمعلومية الموضوع من خلال آثاره.
وقد أورد على الاستدلال السيّد الأُستاذ قدسسره بما هذا حاصله :
إنّ أسماء الأجناس كالصلاة موضوعة للماهية المعرّاة عن كلّ شيء سوى نفسها ، وأمّا الصحّة فهي من لوازم وجود الماهية ، فانّ الماهية تتقرّر في مقام التسمية ، ثمّ توجد بفعل المكلّف ، ثمّ يعرضها الصحّة من المرحلة الثالثة ومعه كيف يمكن أخذ لازم الوجود في مرحلة التقرر الماهوي.
يلاحظ عليه : أنّ الموضوع له ليس الماهية الصحيحة بالحمل الأوّلي أو الصحيحة بالحمل الشائع ( الصحة الخارجية ) لأنّهما ـ كما أفاد قدسسره ـ متأخّران ، بل الموضوع له واقع الصحيح لا عنوانه ولا وجوده الخارجي نظير ذلك نسبة واقع التقدّم إلى عنوان التقدّم ، فانّ اليوم متقدّم على الغد بواقعه لا بعنوانه لأنّه لايوصف به ما لم يتحقّق الغد ، لأنّهما متضايفان ، هما متكافئان قوة وفعلاً ، ومع