قلت : هذا ما ذكره شيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظله ـ في الدورة السابقة ـ لكن عدل عنه في هذه الدورة بما هذا حاصله : انّ ظاهر الروايات ، عدم الفصل بين الصلاة وهذه الآثار وانّها مترتبة عليها بلا ترتيب ، خرجنا عنه في مورد قصد القربة لأنّها روح العبادة ومقومها ، فالصلاة مع هذا الجزء علة تامة لهذه الآثار ، بخلاف الأعمّ من الصحيح والفاسد ، فهي ليست علة تامة حتى مع هذا الجزء ، بل يتوقف على انضمام أجزاء أُخرى إليها ، والروايات المبينة للآثار ، منصرفة عن هذا النوع من العبادة.
نعم يرد على الاستدلال بالقسم الثاني من الروايات أنّ هذه التراكيب وإن كانت مستعملة في نفي الحقيقة حتى في نوعه « لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد » (١) ، وقوله : « يا أشباه الرجال ولا رجال » (٢) لكن فرق بين نفي الحقيقة حقيقة وبين نفي الحقيقة مبالغة وعناية ، وهذه التراكيب كثيرة الاستعمال في نفي الحقيقة مبالغة وعناية مثل قوله : « لا رضاع بعد فطام » (٣) ، و « لا رهبانية في الإسلام ». (٤)
ومع هذه الكثرة فلا تصلح تلك الأخبار للاستدلال ، لأنّ كثرة الاستعمال إذا صارت إلى حدّ وافر ، تزاحم ظهور اللفظ في نفي الحقيقة حقيقة كما في قوله : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » كما هو أساس الاستدلال. ولم يفرق المستدل بين نفي الحقيقة حقيقة ، ونفيها ادّعاءً ومبالغة.
__________________
١ ـ التهذيب للشيخ الطوسي : ٣ / ٢٦١ ، باب فضل المساجد والصلاة فيها ، الحديث ٥٥ ؛ الوسائل : ٣ ، الباب ٢ من أبواب أحكام المساجد ، الحديث ١ ، ورواه الدارقطني في سننه : ١ / ٤٢٠.
٢ ـ نهج البلاغة : الخطبة٢٧.
٣ ـ الوسائل : ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ٥ من أبواب ما يحرم بالرضاع ، الحديث ٥.
٤ ـ بحار الأنوار : ٦٨ / ٣١٧.