يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره وإن كان صحيحاً في قسم من إطلاقات الكتاب العزيز غير أنّ بعضها في مقام البيان مثلاً قوله سبحانه : ( يا أَيُّهَا الَّذين آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُُمُ الصِّيام ) (١) في مقام البيان بشهادة انّه سبحانه يأخذ ببيان الجزئيات والتفاصيل ويقول : ( أَيّاماً مَعْدُودات فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَريضاً أَوْ عَلى سَفَر فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّام أُخر ) (٢) كما أنّه يأخذ ببيان مبدأ الإمساك ونهايته ويقول : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبيضُ مِنَ الخَيطِ الأَسود ) (٣) فعلى هذا فلو شكّ في مدخلية ترك الارتماس في حقيقة الصيام فعلى القول بالصحيحي يكون مرجع الشكّ إلى صدق المسمّى ، وأمّا على القول بالأعمّي يكون مرجع الشكّ إلى جزئية أو شرطية أمر زائد وراء المسمّى فيتمسّك بإطلاق الآية ويثبت عدم مدخليته.
الوجه الثالث : أنّ الأعمّي أيضاً لا يصحّ له التمسّك بالمطلقات ، لأنّ المسمّى وإن كان الأعم لكن المأمور به هو القسم الصحيح فكلما شكّ في جزئية شيء أو شرطيته فهو شكّ في تحقّق الصلاة الصحيحة.
يلاحظ عليه : أنّ المستشكل خلط بين كون المأمور به ذات الصحيح أو المقيّد بعنوان الصحيح ، فعلى الأوّل إذا كان المسمّى محرزاً ـ كما هو المفروض عند القول بالأعم ـ وشكّ في جزئية شيء أو شرطيته يتمسّك بالإطلاق لإحراز ذات الصحيح لأجل كون الشكّ في شرطية شيء وراء صدق المسمّى.
وأمّا على الثاني فبما أنّ المأمور به مقيد بعنوان الصحّة فيجب على المكلف إحراز ذلك العنوان ويعود الشكّ إلى الشكّ في وجود جزء الموضوع فلا يحرز إلاّ بالإتيان بالمشكوك ، نظير المقام.
وبعبارة أُخرى : فرق بين أمر المولى بتهيئة معجون وعلمنا أنّ مراده هو
__________________
١ ـ البقرة : ١٨٣.
٢ ـ البقرة : ١٨٤.
٣ ـ البقره : ١٨٧.