وقد أشار إلى هذا التفسير للعرض الذاتي الشيخ الرئيس بقوله : بأنّ من المحمولات ما لا يكون مأخوذاً في حدّ الموضوع ، ولا الموضوع أو ما يقوّمه مأخوذاً في حدّه ، فليس بذاتي ، بل هو عرض مطلق غير داخل في صناعة البرهان مثل البياض للققنس (١). (٢)
هذا هو العرض الذاتي عند القدماء ، وقد رتّبوا على ذلك لزوم مساواة العرض الذاتي لمعروضه ، وبالتالي مساواة محمولات المسائل لموضوع العلم وذلك :
إنّ حصول اليقين بالنسبة الموجودة في القضية فرع أن يكون المحمول مساوياً للموضوع بحيث يوضع المحمول بوضع الموضوع ، ويرفع برفعه ، مع قطع النظر عمّا عداه ، إذ لو رفع مع وضع الموضوع أو وضع مع رفعه لم يحصل اليقين ، وهذا هو الموجب لكون المحمول الذاتي مساوياً لموضوعه.
مثلاً إذا كان المحمول أخصّ من الموضوع ، كما إذا قلنا : كلّ حيوان متعجب ، لم يفد اليقين ، إذ لا يلازم وضع الموضوع وضع المحمول لكونه أعمّ.
فإن قلت : هذا إنّما يتمّ إذا كان المحمول أخص من الموضوع ، وأمّا إذا كان المحمول أعمّ من الموضوع فوضع الموضوع يكفي في وضع المحمول كقولنا : كلّ إنسان ماش ، وهذا المقدار يكفي في حصول اليقين وإن لم يستلزم رفع الموضوع رفع المحمول.
قلت : إنّ ما أخذ موضوعاً ليس بموضوع ، فانّ القيد في جانب الموضوع أمر لغو ، لأنّ الموضوع للمشي هو الحيوان لا الحيوان الناطق ( الإنسان ) إذ كونه ناطقاً كالحجر في جنب الإنسان ، ولذلك قالوا بأنّه يشترط أن يكون المحمول مساوياً
__________________
١ ـ الققنس : طائر جميل الصوت واللفظ رومي.
٢ ـ الفن الخامس من المنطق في برهان الشفاء : ١٢٧.