لتقديم أحد الأصلين على الآخر ـ كما أوضحنا حاله فيما سبق ـ فليس هنا أصل لفظي ، وانحصر البحث في الأصل العملي وهو إمّا موضوعي جار في تنقيح الموضوع وإمّا حكمي.
أمّا الأوّل : فكقولنا : الأصل عدم الوضع للأخص ، أو الأصل عدم وضعه للأعم ، فهذا الأصل ساقط في المقام لوجوه :
أ. تعارض الأصلين في كلّ من الجانبين.
ب. انّ هذا الأصل مثبت ، فانّ عدم الوضع للجامع بين أفراد المتلبّس لا يثبت كونه موضوعاً للجامع الوسيع الشامل للمتلبّس وغير المتلبّس ، لأنّه من اللوازم العقلية.
ج. انّ هذا النوع من الأصل غير معتبر عند العقلاء ، فانّ الغاية من إجراء الأصل عندهم هو كشف المراد لا تحديد المعنى اللغوي كما هو المفروض في المقام.
وأمّا الأصل الحكمي الشرعي في موارد الشكّ ، فهو يختلف حسب اختلاف الموارد.
قال المحقّق الخراساني : فلو كان الانقضاء قبل انشاء الحكم وشككنا في سعة الحكم وضيقه لأجل الشكّ في معنى المشتق ، تكون أصالة البراءة محكّمة ، كما إذا قال : « أكرم العلماء » وقد انقضى المبدأ قبل إنشاء الحكم عن بعض الأفراد ، وأمّا إذا كان الانقضاء بعد إنشاء الحكم فاستصحاب الوجوب محكَّم. (١)
وحاصله : انّه إن كان الشكّ في الحدوث تجري أصالة البراءة ، وإذا كان الشكّ في البقاء تجري قاعدة الاشتغال ، فلو كان الانقضاء قبل إنشاء الحكم
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ٦٨.