يرجع الشكّ إلى سعة الحكم وضيقه فتجري فيه البراءة ، وأمّا إذا كان الانقضاء بعد انشاء الحكم يرجع الشكّ إلى بقاء الوجوب والأصل بقاؤه.
هذا فيما إذا كان الواجب عامّاً استغراقياً ، وأمّا إذا كان الواجب عامّاً بدلياً كما إذا قال : « أكرم عالماً » ، فالثمرة أيضاً مترتبة فلا يسقط التكليف إلاّ بإكرام المتلبّس في الصورة الأُولى ، ولا يسقط بإكرام المنقضي عنه المبدأ للشكّ في شمول الحكم له حتى يسقط بامتثاله ، وهذا بخلاف ما إذا قلنا بالأعم ، فيجوز الاقتصار بإكرام من انقضى عنه المبدأ لشمول الحكم له على ذلك الفرض.
فاتضح بذلك ظهور الثمرة في كلا المقامين : إذا كان الواجب استغراقياً ، وإذا كان الواجب عامّاً بدلياً.
ثمّ إنّ صاحب المحاضرات اختار أنّ الأصل على كلا القولين هو البراءة فيما إذا كان الواجب عامّاً استغراقياً ؛ أمّا إذا كان إنشاء الحكم بعد الانقضاء ، فواضح لكون الشكّ في الحدوث ؛ وأمّا إذا كان الانقضاء بعد الإنشاء ، فلا يجري سواء قلنا بجريان الاستصحاب في الأحكام الكلية وعدمها ، أمّا على الثاني ، أعني : عدم جريانه في الأحكام الكلية فواضح ، وأمّا على القول بجريانه فوجه عدم الجريان في المقام لأجل نكتة خاصة وهي عدم إحراز بقاء الموضوع ، فانّ الشبهة فيه مفهومية ، لأنّ الموضوع له مردد بين خصوص المتلبّس أو الأعمّ منه ومن المنقضي ، فالاستصحاب لا يجري في الحكم لعدم إحراز وحدة القضية المتيقنة مع المشكوكة ، مثلاً : العالم بما له من المعنى موضوع للحكم ، فالتمسّك باستصحاب بقاء الحكم غير ممكن للشكّ في بقاء الموضوع. (١)
أقول : وتحقيق المقام يتوقّف على البحث في موضعين :
__________________
١ ـ المحاضرات : ١ / ٢٥٧ ـ ٢٥٨.