وأمّا القول الرابع : فهو خيرة المحقّق البروجردي القائل بعدم أخذ واحد منهما في صدق الأمر مستدلاً ، بقوله : إنّ حقيقة الطلب على قسمين : قسم يطلب فيه انبعاث المطلوب منه من نفس الطلب ، بحيث يكون داعيه ومحرّكه إلى الامتثال صرف هذا الطلب ، وهذا ما يسمّى أمراً.
وقسم يقصد فيه انبعاث المطلوب منه من الطلب منضماً إلى بعض المقارنات التي توجب وجود الداعي في نفسه ، كطلب المسكين من الغني ، وهذا القسم من الطلب يسمّى التماساً (١) والقسم الأوّل يناسب العالي. ولا يراد منه كون الطالب عالياً ، مأخوذاً في مفهوم الأمر ، حتى يكون معنى « آمرك بكذا » أطلب منك وأنا عال.
فعلى هذا فحقيقة الطلب على قسمين غاية الأمر أنّ القسم الأوّل منه حقّ من كان عالياً ، ومع ذلك لو صدر عن السافل بالنسبة إلى العالي كان أمراً أيضاً ولكن يذمّه العقلاء على طلبه بالطلب الذي ليس شأناً له فيقولون أتأمره؟! كما أنّ القسم الثاني يناسب شأن السافل ، ولو صدر عن العالي أيضاً لم يكن أمراً فيقولون لم يأمره بل التمس منه ويرون هذا تواضعاً منه. (٢)
يلاحظ عليه : أنّ تقسيم الطلب إلى قسمين ، وإن كان تقسيماً صحيحاً ، لكن الكلام في كيفية وضع لفظ الأمر للقسم الأوّل فما هو المخصص لعدم شموله للقسم الثاني ، فلابدّ أن يضمّ إلى معنى الطلب شيء آخر حتى يصدّه عن الشمول للقسم الآخر ، فما هو ذاك القيد؟ فهل هو :
١. ما يكون الانبعاث من نفس الطلب ، وهو كما ترى.
__________________
١ ـ طلب السافل من العالي يسمّى سؤالاً ودعاءً لا التماساً.
٢ ـ نهاية الأُصول : ١ / ٧٥ ـ ٧٦ بتلخيص.